Archive for janvier 2019

أمر حكومي عدد 54 لسنة 2019 مؤرخ في 21 جانفي 2019 يتعلّق بضبط آليات ومعايير تحديد المستفيد الحقيقي


إن رئيس الحكومة،

بعد الاطلاع على الدستور وخاصة الفصل 94 منه،

وعلى القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المؤرّخ في 7 أوت 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، 

وعلى القانون عدد 52 لسنة 2018 المؤرخ في 29 أكتوبر 2018 المتعلق بالسجل الوطني للمؤسسات وخاصة الفصل 8 منه، 

وعلى رأي المحكمة الإدارية.

يصدر الأمر الحكومي الآتي نصه:

الفصل الأول ـ يضبط هذا الأمر الحكومي آليات ومعايير تحديد المستفيد الحقيقي.

الفصل 2 ـ يُحدّد المستفيد الحقيقي أو المستفيدون الحقيقيون من الشخص المعنوي وتُتخذ التدابير المعقولة للتحقق من هويتهم على النحو الآتي:

أ- الشخص أو الأشخاص الطبيعيون الذين يمسكون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة نسبة تُساوي أو تفوق 20% من رأس المال أو من حقوق الاقتراع،

ب- في صورة عدم التأكّد من هوية المستفيد الحقيقي أو المستفيدين الحقيقيين أو عدم التوصل لتحديد هوية المستفيد الحقيقي أو المستفيدين الحقيقيين بعد تطبيق المعيار (أ)، الشخص أو الأشخاص الطبيعيون الذين يمارسون رقابة أو سيطرة بأيّة طريقة كانت واقعا أو قانونا على أجهزة التصرّف أو الإدارة أو التسيير أو على الجلسة العامة أو على سير عمل الشخص المعنوي،

ج- في صورة عدم التوصل لمعرفة المستفيد الحقيقي أو المستفيدين الحقيقيين وفق المعيارين (أ) و (ب)، يكون المستفيد الحقيقي الشخص الطبيعي الذي يشغل خطة المسيّر الرئيسي.

الفصل 3 ـ يُعتبر مستفيدا حقيقيا أو مستفيدين حقيقيين من الترتيب القانوني الأشخاص الآتي ذكرهم وتُتخذ التدابير المعقولة للتحقق من هوياتهم:

أ- بالنسبة لصناديق الاستئمان: مؤسس الترتيب القانوني والأمين أو الأمناء والوصي، عند الاقتضاء، والمستفيدين وأي شخص طبيعي يمارس نهائيا سيطرة فعلية على الترتيب القانوني.

ب- بالنسبة للترتيبات المماثلة: الأشخاص الطبيعيون الذين يشغلون خططا مشابهة أو مماثلة.

وعلى البنوك والمؤسسات المالية ومؤسسات التأمين ومؤسسات الاستثمار والمحامين والخبراء المحاسبين وعدول الإشهاد، عندما يتصرفون بصفة أمين في ترتيب قانوني، أن يصرحوا بصفتهم تلك عند نشأة علاقة العمل أو تنفيذ عملية أو معاملة في هذا الإطار.

الفصل 4 ـ الوزراء المعنيون مكلفون، كل فيما يخصه، بتنفيذ هذا الأمر الحكومي الذي ينشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.


تونس في 21 جانفي 2019.

رئيس الحكومة
يوسف الشاهد 

و " تحيا تونس " بين المطابقة للقانون و قلّة الذّوق

      كرسّت القوانين جملة من الضوابط لضمان إفراد كلّ شخص طبيعي أو معنوي باِسم أو تسمية خاصة به لأسباب متعددة و منطقية من بينها تحديد المسؤولية و ضمان عدم الخلط بين الأشخاص خاصة في ما يتعلق بهوية المواطنين أو الشركات في الميدان التجاري فوقع اِشتراط عدم التطابق بين التسميات حتى لا يقع المواطن في الخطإ أو الخلط بين الشركات و منتوجاتها المعروضة في السوق.
و لم تشذّ الأحزاب السياسية عن تلك القاعدة باِعتبارها جمعيات تسعى إلى اِستقطاب المواطنين حول إسم و مشروع سياسي و عليه فإنه كان من الضروري أن يضمن القانون للمواطنين من الناحية النظرية الخيار بين أحزاب مختلفة في التسميات و البرامج تكريسا للتعدديّة الحزبية و السياسية.

بمناسبة الإعلان  بتاريخ 27 جانفي 2019 عن الشروع في تأسيس حزب سياسي تحت تسمية " تحيا تونس " طُرحت مسألة أحقيّة مؤسسي هذا الحزب من عدمها في الإستئثار بتلك التسمية و تسخيرها للعمل السياسي الحزبي و اِختلفت الآراء في ذلك و تعدّدت عدد الخلفيات السياسية و القراءات القانونية حول تلك المسألة.

بالرجوع إلى القانون التونسي و تحديدا الفصل 9 من المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المتعلّق بالأحزاب السياسية  يتبيّن أنّه لا يشترط في تسمية الحزب عنصر التجديد أو الإبداع بل وقع الإكتفاء باِشتراط اِختلاف تسمية الحزب عن تسميات بقية الأحزاب السياسية المؤسسة بصفة قانونية و بالتالي فإنه يكفي أن تكون التسمية غير مستعملة من قبل حزب آخر حتّى ينشأ الحزب صحيحا من هاته الناحية تحديدا.

إن تسمية تسمية حزب معيّن يمكن نظريّا أن تمسّ من نزاهة المنافسة و بالمساواة بين الأحزاب النشيطة و يمكن أن ينشأ ذلك بسبب تسمية الحزب في حدّ ذاتها من الناحية اللغوية أو بسبب تعسّف أو خطإ في اِستعمال التسمية بشكل يجعلها تنتج آثارا سلبيّة على نزاهة المنافسة السياسية لم يكن بالإمكان التفطّن إليها عند تأسيس الحزب.

و يبقى حقّ التقاضي مكفولا لكل حزب يرى أنّ تسمية حزب ما تمسّ من مبادئ النزاهة و المنافسة الشريفة و المساواة في ميدان العمل السياسي و عليه حينئذ إثبات عنصر المنافسة غير الشريفة أو غيرها من المآخذ التي تبيّن أوجه اِستحواذ حزب ما من خلال تسميته على اِمتياز تنافسي لا حقّ له في الإستئثار به.

و في غياب مأخذ قانوني صريح على تسمية حزب جديد " تحيا تونس " يمكن أن يُعاب على تلك التسمية أمران على الأقلّ :

أوّلا : " تحيا تونس " هي تسمية سبق أن وقع اِستعمالها كشعار حملة اِنتخابية سنة 2014 في صيغة ومضات إشهارية و معلقات في الطريق العام تحت تسمية " فبحيث ... تحيا تونس " و هو شعار " حزب نداء تونس " الذي كان مؤسسو حزب " تحيا تونس " منخرطين فيه.
و بالتالي فإن اِستعمال تسمية " تحيا تونس " لا يمكن أن يكون اِعتباطيا أو عفويّا باِعتبار أن مؤسسيه لا يمكن لهم أن يتمسّكوا بجهلهم لسبق اِستعمال تلك التسمية كشعار لحملة حزبية في اِنتخابات سنة 2014.

ثانيا : " تحيا تونس " هي عبارة يردّدها التونسيّون في كل مناسبة أو حادثة تأجّج أو تثير إحساس الإنتماء الوطني أو الفخر أو الذود عن الوطن و لا أدلّ على ذلك من اِستعمالها من قبل أعوان الأمن أثناء و بعد تدخّلهم الميداني في كل عمليّة إرهابية أو اِستعمالها من قبل الحاضرين عقب كلّ الإجتماعات أو الخطب السياسية سواء خلال فترات الحملات الإنتخابية أو خارجها دون أن نغفل اِستعمال تلك العبارة في المناسبات و المسابقات الرياضية من قبل الرياضيين أو الجماهير التونسية في تونس أو في الخارج.

كما تجدر الإشارة إلى أن مريم بالقاضي مقدّمة برامج بقناة تلفزية خاصة تنهي جميع برامجها التلفزية بعبارة " تحيا تونس " بعد تحية المشاهدين.

و يمكن اِعتبار " تحيا تونس " عبارة مشاعة بين المواطنين و ذات مدلول جمعيّ و جامع بالنظر إلى اِستبطانها من قبل الشعب التونسي منذ فترة الحركة الوطنية ضدّ المستعمر الفرنسي و بالتالي فإن اِستفراد حزب سياسي بها و الحالة ما ذكر يجعل من ذلك الحزب مستحوذا على اِمتياز تنافسي غير مشروع طالما كانت تلك العبارة متأصّلة في المعجم السياسي الوطني و ذات بُعد وطني يجمع كل المواطنين إلى حدّ يجعل اِحتكارها بصفة قانونية ضربا من ضروب قلّة الذوق السياسي.
و في اِنتظار أن يقع تجريم قلّة الذوق في تونس يبقى اِستعمال عبارة " تحيا تونس " كتسمية لحزب سياسي جديد سليما من الناحية القانونية الضيّقة على معنى المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المتعلق بالأحزاب السياسية.