قسم الأخبار في القناة التلفزيّة الوطنيّة 1 يستغيث فهل من مجيب في تونس ؟



لطالما تعوّد التّونسيّ على القناة التلفزيّة الوطنيّة أو ما كان يسمّى بـ " تونس 7 " أو" البنفسجيّة " كقناة حكوميّة تخدم مصالح النّظام الدّكتاتوري من خلال تمرير خطاب الحزب الواحد القائم على تمجيد وتلميع  شخص الرّئيس أو بالأحرى الرئيسين المخلوعين لتونس منذ الإستقلال كلّ حسب طبيعة عمليّة خلعه مع حفظ حقّ من تفاضل منهما على الآخر حسب وجهة نظر كلّ منّا.

بعد أن أطيح بشخص الرئيس السابق بن عليّ وفي اِنتظار الإطاحة بنظامه, حاول بعض الصّحفيّين في التلفزة الوطنيّة (تونس 7 سابقا) التّأسيس لخطاب إعلاميّ جديد يهدف إلى تركيز أسس إعلام موضوعيّ ومهنيّ موجّه للشّعب لا إعلام موجّه كالعادة من الحكومة إلى الشّعب إلاّ أنّ العقليّة السّائدة سواء في الحكومة أو تلك السّائدة في أذهان إطارات مؤسّسة التّلفزة الوطنيّة لم تتغيّر بعد.

منذ يوم 14 جانفي 2011 طمع جلّ الصّحفيّين في فريق الأخبار في القناة الوطنيّة في قفزة نوعيّة لعملهم الصّحفيّ شكلا ومضمونا مع ما يقتضيه ذلك من ضمان لمقوّمات الكرامة ماديّا وأدبيّا ومن  اِعتبار لحرمة رسالتهم النّبيلة إلاّ أنّ الحكومتين المتعاقبتين على الحكم في تونس منذ تهريب الرّئيس بن عليّ لم تسيرا على هذا المنحى في غياب الجديّة في الإصلاح وترك سبيل فريق صحفيّي الأخبار للقيام بعملهم دون وصاية أو تعليمات مباشرة أو غير مباشرة.
بعد تغيير المدير العامّ السابق للتّلفزة الوطنيّة بالمدير الحالي المختار الرصّاع ترك هذا الأخير هامشا صغيرا من الحريّة لفريق الأخبار في مرحلة أولى قبل أن يعود منهج العمل إلى الأخذ بالتعليمات الصادرة بصورة مباشرة وغير مباشرة عن النّاطق الرّسمي باِسم الحكومة أنذاك الوزير الطيّب البكّوش الذي تربطه علاقة قرابة بالمختار الرصّاع المدير العامّ للتّلفزة.

والملفت للإنتباه في شأن الأخذ والردّ بين قسم الأخبار ومديريهم بالتلفزة الوطنيّة هو الموقف المتّخذ في هذا الخصوص من قبل نقابة التلفزة الوطنيّة بما في ذلك النقابة الأساسيّة للتقنيّين اللّتان تساندان المديرالعامّ الحالي وهو أمر يدعو للإستغراب بل وللرّيبة  ضرورة أنّه ليس من طبائع الأمور أن تساند نقابة قطاعيّة الأعراف بهاته الشّاكلة على حساب الحقوق المشروعة للأجراء على غرار الشّعب المهنيّة لحزب التجمّع الدستوري الدّيمقراطي سابقا.

لم يكف فريق صحفيّي الأخبار بالقناة الوطنيّة الصّدام غير المعلن مع رؤساءهم في العمل بل إنّ وضعيّتهم تعقّدت أكثر فأكثر في الأيّام القليلة الماضية بسبب طريقة تعاملهم مع القضايا المتّصلة بالشّأن الوطنيّ وهي طريقة لا تروق لمديريهم كما لم ترق للحكومة وعلى رأسها الوزير الأوّل الذّي ورغم وجود سوابق له مع الإعلاميّين التونسيّين فإنّه لم يترك فرصة المسّ من كرامة الصحفيّة بقسم الأخبار السيّدة نعيمة عبد اللّه يوم 14 جويلية 2011 إبّان خروجه من مقرّ الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثّورة ولعلّه من باب الصّدفة أن يقع شنّ حملة مغرضة ضدّ هذه الصّحفيّة إبّان نشر فيديو التعدّي عليها حيث وقع وصفها كذبا وبهتانا من قبل صفحات على شبكة الفايسبوك بأنّها كانت منخرطة بحزب التجمّع الدستوري الدّيمقراطي المنحلّ كما وقع التّرويج كذبا لوجود علاقة قرابة بينها وبين سفّاح الإعلام في تونس عبد الوهاب عبد اللّه الذّراع الأيمن الإعلاميّ لنظام بن عليّ.

http://www.mattran.net/index.php?option=com_content&view=article&id=2438%3Aadmin&catid=18%3Ap-articles&Itemid=24

فمن يقف وراء هاته الخزعبلات يا ترى ؟ يذكر أنّ المسؤول الصحفيّ الأوّل بالحكومة معزّ السّيناوي كان قد تقدّم بعبارات تشبه الإعتذار للصحفيّة نعيمة عبد اللّه كما يذكر أنّ ضغوطات وقعت ممارستها على فريق الأخبار بالقناة الوطنيّة لعدم بثّ مقطع الفيديو الذّي يبيّن كيفيّة معاملة الوزير الأوّل للصحفيّة المذكورة كما يذكر أيضا أنّ قناة نسمة التلفزيّة عدلت لأسباب لا يعلمها إلاّ اللّه عن بثّ الفيديو المذكور رغم أنّها كانت قد اِلتقطت الصّورة كاملة بدليل تواجد مصدح صحفيّيها جنبا إلى جنب مع مصدح نعيمة عبد اللّه مثلما يفيده مقطع فيديو نشرة أخبار الساعة الثامنة بالقناة الوطنيّة ليوم 14 جويلية 2011.

ولكي يكتمل المشهد فإنّ الصحفيّ بقسم الأخبار السيّد عماد بربورة الذّي إستبق نشرة الثامنة ليلا بتعليقه وبثّه للفيديو المذكور في نشرة السادسة والنّصف مساءا جنى ثمار أدائه لعمله وفق ما يقتضيه الضّمير المهنيّ وواجب مساندة زميلته الواقع المسّ من كرامتها حيث أنّه وقع إمهاله بضعة أيّام قبل أن تقع إزاحته من تقديم نشرة الثّامنة للأخبار على القناة الوطنيّة 1 من قبل المدير العامّ للمؤسّسة على خلفيّة جرأته وتعاطيه الجديّ لاِعتصام القصبة 3 وما تبعه من تعامل أمني مؤسف من قبل الحكومة المؤقّتة يوم 15 جويلية 2011 والملفت للإنتباه هو أنّ نوعيّة الأسئلة وطريقة إدارة الحوار أنذاك خلال نشرة أنباء الثامنة ليلا على القناة الوطنيّة من قبل هذا الصحفيّ لم ترقى إلى تطلّعات ضيفه السيّد توفيق الدّيماسي المدير العامّ لأمن العمومي بوزارة الدّاخليّة.


وبالتالي فإنّ الصحفيّ الذّي لا يروق للحكومة أو لمسؤوليها السّامين يكون مآله الإزاحة أوالتأديب المقنّع أو المسّ من الكرامة علنا وأمام عدسة الكاميرا مثلما وقع للصحفيّة نعيمة عبد اللّه كلّ ذلك في إطار ضغوطات نفسيّة تسلّط على الصّحفيّين ممّا يمنعهم من التفرّغ الذّهنيّ الكامل لأداء مهنتهم على الوجه المطلوب بعد 14 جانفي 2011.

ما سبق بسطه يجب وضعه في إطار أشمل يأخذ بعين الإعتبار ما سلّط من قمع وضرب واِعتداءات جسديّة ولفظيّة على الصّحفيّين منذ اِعتصام القصبة والقصبة 2 والأحداث المترتّبة عن تصريحات السيّد فرحات الرّاجحي وزير الدّاخليّة السّابق وما حفّ بها من ضرب ومداهمة وملاحقة للصّحفيّين في عقر مقرّ جريدة يوميّة بتونس العاصمة خلال شهر ماي 2011 إنتهاءا بالإعتداء على الصّحفيّين خلال التفريق القمعي لاِعتصام القصبة 3 يوم 15 جويلية 2011.

ولعلّ الأمور تبدو أوضح إذا ما أمعننا النّظر في خلفيّة الإنتقادات والضّغوطات المسلّطة على فريق الأخبار بالقناة الوطنيّة من قبل رؤسائهم في العمل بسبب عدم التركيز في نشرة أنباء السّاعة الثامنة ليلا على النّشاط الحكومي والسّياسي للوزير الأوّل السيد الباجي قايد السّبسي.

الواضح أنّ عديد المسؤولين سواء في القناة الوطنيّة أو في الإدارة ككلّ بما في ذلك الحكومة لا يزالون على قناعتهم البائدة المتمثّلة في تسخير القناة الوطنيّة كبوق للحكومة تروّج لما تأمر به في إطار المحاباة والتّمجيد البغيض ولعلّهم يتناسون أيضا أنّها قناة المواطن التونسيّ باِمتياز طالما كان يساهم في ميزانيّتها مباشرة من خلال أداء جبائيّ مباشر لطالما تطلّع المواطن ليلقى له مقابلا محترما من خلال مادّة إعلاميّة وطنيّة تحترمه وتحترم ذكاءه.

دولة لا تحترم صحافتها الوطنيّة لا هيبة لها ... هذا ما يمكن أن ننتهي إليه إذا ما تمعّننا في اِختلاف تعامل مسؤوليها مع الصحفيّ التونسيّ مقارنة بتعاملها الخلوق الضّحوك مع صحفيّي قناة الجزيرة التّي صنعت لدولتها هيبة لا يختلف في حجمها اِثنان رغم ما يمكن أن نسجّله من مآخذ على توجّهاتها ونسقها الإعلاميّ من فترة إلى أخرى.

وضع الصّحفيّ الذّي يحترم نفسه في تونس لا يحسد عليه مقارنة بوضع زملائه في جمهوريّات الموز في غياب إلتفاف حقيقيّ من قبل أهل الدّار حول نقابة الصّحفيّين التّونسيّين وفي غياب حدّ أدنى من التّضامن الجديّ بين الصّحفيّين إزاء الضّغوطات المسلّطة عليهم من كلّ حدب وصوب ولا أدلّ على ذلك تهافت البعض من قسم الأخبار من جهة على التربّع في مكان زميلهم عماد بربورة بعد إقصائه من نشرة الثامنة ليلا للأخبار وتواصل نهج الإغراء بالترقيات والحوافز من جهة أخرى بالنسبة لضعاف النّفس من الصّحفيّين ممّا يؤدّي إلى كسر وحدة صفوفهم بسبب عقليّة الوصوليّة والتملّق التّي لا تزال تسود أذهان العديد منهم وإلاّ فبماذا نفسّر حضور ما يناهز 100 صحفيّ فقط من أصل 1200 للوقفة الإحتجاجيّة المنظمة من قبل نقابة الصّحفيّين مطلع هذا الأسبوع.
ومنتهى القول أن لا يغيّر اللّه ما بصحافتنا حتّى تغيّر ما بنفسها وما بالقانون المنظم لها و حتّى نغيّر نحن أيضا ما بأنفسنا من كسل ولا مبالاة بضرورة دعم حريّة السّلطة الرّابعة في إطار دولة ذات هيبة.

One Response to قسم الأخبار في القناة التلفزيّة الوطنيّة 1 يستغيث فهل من مجيب في تونس ؟

  1. Anonyme says:

    ياهااااااادى يارب

Leave a Reply