خواطر حول فوز العريضة الشعبيّة للهاشمي الحامدي


قائمة العريضة الشعبيّة للحريّة والعدالة والتّنمية للهاشمي الحامدي تبقى النّقطة السّوداء الأوضح في اِنتخابات 23 أكتوبر 2011 المتعلّقة بالمجلس الوطني التّأسيسي في تونس بالنّظر إلى ظروف نجاحها المفاجئ في الإنتخابات دون دعاية ولا حضور إعلاميّ يُذكر.

الأسلوب المنتهج تفوح منه رائحة سياسيّة معروفة في تونس كتلك التّي كانت ولا تزال تفوح من الأحزاب المنبثقة عن التجمّع الدّستوري الديمقراطي المنحلّ  وهو الحزب الحاكم السابق زمن الرئيس بن عليّ.
من عادات التجمّع المراوغة وإصدار التعليمات الإنتخابيّة السرّيّة لقطيع ناخبيه ساعات أو يوما قبل موعد الإقتراع وهي طريقة يتوخّاها التجمّع في الإنتخابات التيّ لا يمكن له ضمان نتائجها مسبّقا كما هو الشأن بالنسبة لاِنتخابات الهيئة الوطنيّة للمحامين التّي لطالما عكّرت صفو بن عليّ ونظامه بسبب رفض الأغلبيّة الساحقة للمحامين ترشيح المنتسبين للتجمّع على رأس عمادة المحامين.

صورة كاريكاتوريّة للهاشمي الحامدي في مظهر معمّر القذّافي

من هو الهاشمي الحامدي ؟ هو نسخة طبق الأصل لجُحا أو لسيّئ الذّكر العقيد معمّر القذّافي. اِنتحل صفة المعارض في التسعينات وأوائل القرن الواحد والعشرين متخّذا من قناته الشعبويّة البنفسجيّة (قناة المستقلّة) منبرا له من لندن ثمّ اِنكبّ على التملّق والتصفيق لنظام بن عليّ طيلة السنوات الأخيرة مستفيدا في الأثناء من سخاء الدّكتاتور زميله في الجهالة.


يُذكر أنّ الحامدي في اِنتخابات الرّئاسة لسنة 2009 حظر لدى السفارة التونسيّة بلندن لممارسة حقّه الإنتخابي فقام بأخذ ورقة بن عليّ وذهب مباشرة للصندوق لوضعها فاِعترضه أحد المراقبين منبّها عليه بضرورة أخذ جميع أوراق التصويت لجميع المرشّحين طبقا للقانون الإنتخابيّ  فغضب الحامدي وأجابه قائلا : هل تريد أن تمنعني من أصوّت لبن عليّ ؟ هل تريدني أن أستلم أوراق هؤلاء الحمير ؟ (أي بقيّة المترشّحين).

الهاشمي الحامدي كان يتسلّم من سفارة تونس بلندن صناديق يبعثها إليه الرئيس السابق زين العبدين بن عليّ كلّ 15 يوما لا يعلم أحد محتواها وكانت هاته الصّناديق تُبعث إليه تحت غطاء السرّيّة الديبلوماسيّة  بسبب تمرير بن عليّ لهاته الصناديق عبر القنوات الديبلوماسيّة بواسطة السفارة التونسيّة التّي كانت تضطرّ  إلى كراء شاحنة كلّ 15 يوما لإيصال الصناديق إلى الهاشمي الحامدي لأنّها كبيرة الحجم ولا تسعها السيّارات العاديّة.

ولعلّ التحقيق الجاري لدى لجنة تقصّي الحقائق حول الفساد والرّشوة كفيل بإزاحة السّتار عن محتوى هاته الصّناديق إذا ما تمّ العثور على أثر لذلك في أرشيف الوكالة التونسيّة للإتصال الخارجي الجاري بشأنها التحقيق حاليّا أمام نفس اللّجنة.

ويذكر أنّ مفاجأة نجاح الحامدي في الإنتخابات أذهلت الجميع بما في ذلك الأحزاب ذات المرجعيّة التجمّعيّة أو الدّستوريّة حيث يؤكّد عدد هامّ من نشطاء حزب المبادرة لكمال مرجان أنّ تعليمات التصويت لم تمرّ عبر القنوات العاديّة أو المتعارف عليها في حزب التجمّع سابقا رغم قناعة هؤلاء بأنّ الهاشمي الحامدي ليس بإمكانه الفوز بكلّ هاته الأصوات بوسائله الخاصّة فقط كما أنّه ما كان للعريضة الشعبيّة أن تتحصّل على هذا العدد من الأصوات والمقاعد لولا تركيزها على عنصر العصبيّة القبليّة (الإنتماء لعرش الحمادين نسبة للقب الحامدي) و تمتّعها بدعم مالي ولوجستيكي وميدانيّ قويّ شبيه بالإمكانيّات الماديّة والبشريّة التّي كانت متوفّرة لحزب التجمّع سابقا والأغرب أنّه لا أحد من التجمّعيّين السابقين لاحظ أيّ مظهر لهذا الدّعم أو لهذا العمل الميداني لإنجاح العريضة الشعبيّة.

والواضح أنّ إستراتيجيّة العريضة الشعبيّة مركّزة أساسا على العمل القاعدي مستعينة في ذلك بالإنتشار الواسع لفلول التجمّع سابقا في القرى والأرياف من بين الإطارات الصغرى والكادحين والميليشيا وهم وجوه غير مرغوب فيها في الأحزاب الجديدة وتلك المحسوبة على المعارضة سابقا وحتّى لدى الأحزاب المنبثقة صراحة عن التجمّع الدستوري الدّيمقراطي المنحلّ وبالتالي فإنّ العريضة قد تكون أصابت المرمى تكتيكيّا باِنتشالها لهاته الفئة الهامّة والمنبوذة من أذيال حزب التجمّع ولعلّ النتائج الباهرة للعريضة الشعبية في الإنتخابات خير دليل على خطإ خيار عدم الإقصاء الكلّي لكلّ من اِنتسب إلى التجمّع في الحياة السياسيّة على المدى القصير على الأقلّ.  







2 Responses to خواطر حول فوز العريضة الشعبيّة للهاشمي الحامدي

  1. Unknown says:

    اقل ما يمكن ان يقال عن كاتب هذا المقال انه حمار و لا يرتقي حتى لمرتبة جحا الذي تحدث عنه

  2. بعد سنة ونصف, تفقد بعض التعاليق قيمتها عندما يقع عزل المقال عن سياقه التاريخي و خاصة في غياب الرأي المعاكس حتّى وإن كان الرأي الأوّل صادرا عن جحا :-)

Leave a Reply