الفصل 15 ـ " يحجر على وسائل الإعلام الوطنية الخاصة استعمال أساليب الإشهار التجاري لغاية دعاية انتخابية لفائدة المترشحين ابتداء من 12 سبتمبر 2011. "
رفضت جملة من الأحزاب الإلتزام بهذا القرار وواصلت حملة إشهارها الإنتخابيّ في وسائل الإعلام ومن خلال المعلّقات الإشهاريّة في الطّريق العموميّ ومن بين هذه الأحزاب الإتّحاد الوطني الحرّ والحزب الدّيمقراطي التقدّمي اللّذان تمسّكا بعدم أهليّة الهيئة العليا للإنتخابات لإقرار مثل هذه الموانع القانونيّة.
قمنا في مقال سابق بمساندة الموقف القانونيّ للهيئة العليا للإنتخابات وها هي المحكمة الإداريّة تأيّد موقف الهيئة وتؤكّد في حيثيّة مبدئيّة على تمتّع الهيئة العليا المستقلّة للإنتخابات بسلطة ترتيبيّة خاصّة تمكّنها من سنّ قواعد تنظيميّة خصوصيّة لتطبيق القانون المتعلّق باِنتخاب المجلس الوطني التّأسيسي.
L'ISIE, en tant qu'instance publique indépendante, bénéficie d'un pouvoir réglementaire spécial.
الحيثيّة المبدئيّة الهامّة في قرار المحكمة الإداريّة :
" تحتكم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بوصفها هيئة عمومية مستقلة، على سلطة ترتيبية متخصصة مكرسة لتطبيق القانون.
وحيث أن القرار المطلوب توقيف تنفيذه صدر عن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في نطاق ما أنيط بعهدتها بمقتضى المرسوم سالف الإشارة. "
في ما يلي القرار عدد 413885 الصّادر عن المحكمة الإداريّة في شأن دعوى إيقاف تنفيذ قرار منع الإشهار السياسي إنطلاقا من 12 سبتمبر 2011 إلى حين اِنطلاق الحملة الإنتخابيّة :
المحكمة الإداريّة
دائرة الرّئيس الأوّل
المادّة : إيقاف تنفيذ
القضيّة عدد : 413885
القضيّة عدد : 413885
إن الرئيسة الأولى للمحكمة الإدارية،
بعد إطلاعها على المطلب والمؤيدات المقدمة من الأستاذ ............ عن شركة «............» نيابة عن حزب «................» في شخص ممثله القانوني بتاريخ 20 سبتمبر 2011 والمرسم بكتابة المحكمة تحت عدد 413885 والرامي إلى الإذن بتوقيف تنفيذ قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الصادر بتاريخ 03 سبتمبر 2011 والمتعلق بضبط قواعد وإجراءات الحملة الانتخابية، بالاستناد إلى خرق القانون بمقولة إن أحكام المرسوم عدد 35 المؤرخ في 10 ماي 2011 والمتعلق بانتخابات المجلس الوطني التأسيسي أسندت إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات صلاحية تنظيم ومراقبة الحملة الانتخابية التي تمتد قانونا من 01 إلى 21 أكتوبر 2011، في حين عمدت الهيئة بموجب قرارها المطعون فيه إلى منع الدعاية الانتخابية ابتداء من 12 سبتمبر 2011 والحال أن المشروع لم يمنع صراحة الدعاية الحزبية قبل انطلاق الحملة الانتخابية، وتمسك نائب الطالب بأن قرار المنع المتخذ من شأنه أن يحرم منوبه من حقه في ممارسة الدعاية الحزبية ويقلص من حظوظه ويلحق ضررا به.
وبعد إطلاعها على التقرير المدلى به من رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتاريخ 29 سبتمبر 2011 والذي ضمنه طلب رفض المطلب بالاستناد إلى أن تنفيذ المقرر المنتقد لم يتسبب للطالب في نتائج يصعب تداركها بمقولة إن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لم تمنع كافة وسائل الدعاية الانتخابية واقتصرت على تحجير الإشهار السياسي مثلما تم تعريفه بالفصول 2و3و4من القرار المطلوب توقيف تنفيذه، وبالتالي فإنه بإمكان الحزب ممارسة كافة وسائل الدعاية الانتخابية الأخرى مثل تنظيم اجتماعات انتخابية والحضور في البرامج التلفزية وتوزيع المطويات ومختلف الأنشطة والتظاهرات التي من شأنها التعريف بالحزب على غرار ما قمت به عدة أحزاب أخرى وعلى سبيل الذكر تنظيم اجتماعات لعرض برامجها وتمت تغطيتها إعلاميا دون أن تتدخل الهيئة لمنعها، ولاحظ رئيس الهيئة أن حزب «.............» واصل عملية الاشهار السياسي رغم صدور القرار موضوع مطلب توقيف التنفيذ وهو ما عاينه أعضاء الهيئة الفرعية للانتخابات ببن عروس يوم 12 سبتمبر 2011 وما عاينه كذلك عدل التنفيذ الاستاذ مراد قصوري بتاريخ 14 سبتمبر 2014 بطلب من الهيئة الفرعية للانتخابات ببن عروس وما تضمنته تقارير وحدة مراقبة وسائل الاعلام، ولم تتخذ الهيئة إجراءات زجرية ضدّه، وأكد رئيس الهيئة أن تقديم الحزب لمطلب توقيف التنفيذ يوم 20 سبتمبر 2011 أي بعد مرور 8أيام على دخول القرار حيز التنفيذ إنما يقيم الدليل على أن القرار لم يتسبب له في نتائج يصعب تداركها على معنى أحكام الفصل 39 من قانون المحكمة الإدارية وأضاف رئيس الهيئة أنه على فرض مجاراة نائب الطالب فيما تمسك به من أن القرار تسبب له في أضرار، فإن تلك الأضرار لا ترقى إلى التسبب في نتائج يصعب تداركها باعتبار أن الحملة الانتخابية تنطلق يوم غرة أكتوبر 2011 وبإمكان الحزب تدارك ما فاته إن كان فاته أمر، باستعمال وسائل الدعاية المسموح بها أثناء الحملة وهي كثيرة ومتعددة ودفع رئيس الهيئة من جهة أخرى برفض المطلب لعدم ارتكازه على أسباب جدية في ظاهرها بمقولة إن تنظيم الهيئة لفترة ما قبل الحملة الانتخابية تم بالاستئناس بتجارب مقارنة في ديمقراطيات عريقة تمنع الإشهار السياسي في الفترة ما قبل الحملة الانتخابية لمدة تتراوح بين الشهر والستة أشهر، بل إن البعض منها يذهب إلى تحجير الإشهار السياسي عبر وسائل الإعلام السمعية والبصرية على غرار ما هو معمول به في فرنسا بمقتضى أحكام الفصل 52 ـ1 من المجلة الانتخابية، ولاحظ رئيس الهيئة أنه طبقا للفصل الأول من المرسوم عدد 27 لسنة 2011 المتعلق بإحداث الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فإن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات هي هيئة عمومية مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري، مشيرا إلى أن إحداث هيئات عمومية مستقلة تتمتع بسلطة ترتيبية خاصة هي آلية معتمدة في تجارب القانون المقارن وفي القانون التونسي على نحو ماهو مخوّل لهيئة السوق المالية، وهي سلطة تمكن الهيئة من وضع ترتيبات لتطبيق القانون تكون مقتصرة على تدابير محدودة في مجالها وفي مضمونها، وتستمد أساسها من أحكام الفصل 2 من المرسوم عدد 27 لسنة 2011 والذي اقتضى أن «تسهر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على ضمان انتخابات ديمقراطية وتعددية ونزيهة وشفافة» وعليه، تمارس الهيئة اختصاصا أصليا في تنظيم انتخابات المجلس الوطني التأسيسي محددا في الزمن ينطلق من تاريخ إحداثها والتئامها وينتهي بالإعلان عن النتائج النهائية لهذه الانتخابات على نحو يخول لها ممارسة سلطة ترتيبية خاصة بكل العمليات الانتخابية المكونة للمسار الانتخابي لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي، وهو ما يتأكد من خلال أحكام الفصل الرابع من نفس المرسوم والذي اقتضى أن «تتولى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الإعداد للانتخابات والإشراف عليها ومراقبة العمليات الانتخابية وتسهر لهذا الغرض على...» ولا يمكن بالتالي استثناء أيّة عملية انتخابية من مجال تدخل الهيئة إلا بنص خاص، وأكد رئيس الهيئة أن منع الإشهار السياسي يدخل في إطار متابعة الحملات الانتخابية والحرص على ضمان المساواة بين المترشحات والمترشحين الوارد ضمن الفقرة 9 من الفصل 4 سالف الذكر، وأن اختصاص تنظيم فترة ما قبل الحملة الانتخابية تستمده الهيئة من المرسوم عدد 27 المذكور وخاصة الفصل 4 منه الذي أسند اليها ولاية عامة لتنظيم انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، وذلك خلافا لما تمسك به نائب الطالب حينما اعتبر أن الهيئة تستمد اختصاصها حصريا من المرسوم عدد 35 لسنة 2011.
وبعد إطلاعها على بقية الأوراق المظروفة بالملف.
وبعد إطلاعها على القانون عدد 40 لسنة 1972 المؤرخ في أول جوان 1972 والمتعلق بالمحكمة الإدارية مثلما تم تنقيحه وإتمامه بالنصوص اللاحقة له وخاصة القانون الأساسي عدد 39 لسنة 1996 المؤرخ في 3 جوان 1996، وآخرها القانون الأساسي عدد 02 لسنة 2011 المؤرخ في 03 جانفي 2011.
وعلى المرسوم عدد 27 لسنة2011 المؤرخ في 18 أفريل 2011 والمتعلق بإحداث هيئة عليا مستقلة للانتخابات.
وعلى المرسوم عدد 35 لسنة 2011 المؤرخ في 10 ماي 2011 والمتعلق بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي مثلما تم تنقيحه وإتمامه بالمرسوم عدد 72 لسنة 2011 المؤرخ في 03 أوت 2011.
وعلى قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المؤرخ في 3 سبتمبر2011 المتعلق بضبط قواعد وإجراءات الحملة الانتخابية.
صُرّح بما يلي
حيث يتبين من مضمون المطلب الماثل وخاصة الأسانيد التي تأسس عليها أنه يهدف في الحقيقة والقصد إلى توقيف تنفيذ القرار المؤرخ في 3 سبتمبر 2011 جزئيا فيما يقتضيه بفصليه الثاني والثالث من أنه «تمنع الدعاية الانتخابية في جميع وسائل الإعلام بمؤسسات الإعلام العمومية والخاصة ابتداء من 12 سبتمبر 2011» وأنه « يحجر قبل بداية الحملة الانتخابية إعلان رقم هاتف مجاني بوسائل الإعلام لفائدة مترشح أو قائمة مترشحة أو تخصيص موزع صوتي».
وحيث اقتضت أحكام الفقرة الأولى من الفصل 39 من القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الإدارية أنه «لا تعطل دعوى تجاوز السلطة تنفيذ المقرر المطعون فيه، غير أنه يجوز للرئيس الأول أن يأذن بتوقيف التنفيذ إلى حين انقضاء آجال القيام بالدعوى الأصلية أو صدور الحكم فيه، إذا كان طلب ذلك قائما على أسباب جدية في ظاهرها وكان تنفيذ المقرر المذكور من شأنه أن يتسبب للمدعي في نتائج يصعب تداركها».
وحيث عملا بالمرسوم عدد 35 لسنة 2011 المتعلق بإنتخابات المجلس الوطني التأسيسي مثلما تم تنقيحه وإتمامه بالمرسوم عدد 72 لسنة 2011 المؤرخ في 03 أوت 2011 تحتكم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بوصفها هيئة عمومية مستقلة، على سلطة ترتيبية متخصصة مكرسة لتطبيق القانون.
وحيث أن القرار المطلوب توقيف تنفيذه صدر عن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في نطاق ما أنيط بعهدتها بمقتضى المرسوم سالف الإشارة.
وحيث أن الأسباب المستند إليها لا تبدو جديّة في ظاهرها
وحيث لا ضرر يصعب تداركه من تحجير محدود للدعاية الانتخابية من حيث الوسائل المستعملة ولفترة وجيزة زادها قصرا ما برز من ظاهر أوراق الملف من عدم امتثال الطالب لقرار منع الإشهار السياسي، فضلا عن أن المطلب الماثل بالنظر إلى تاريخ تقديمه الحاصل في 20 سبتمبر 2011 وما يحتمه احترام حقوق الدفاع من تمكين المطلوبة من الإدلاء بردها بشأنه الذي ورد بتاريخ 29 سبتمبر 2011 وإلى مدة مفعول القرار المنتقد التي تنتهي يوم 30 سبتمبر 2011، أصبح في تاريخ البتّ فيه غير ذي موضوع.
وحيث يتجه في ضوء ما تقدم رفضه.
ولهذه الأسباب
قررت رفض المطلب.
وصدر القرار بتاريخ 5 أكتوبر 2011عن الرئيس الأول للمحكمة الادارية روضة المشيشي تحت عدد 413885